المحميد: كل «جاليري» جديد يفتتح معه فضاءات جديدة للفن التشكيلي

كان حلماً عندما سعى جاهداً لتحقيقه، وقد استطاع أن يحققه، بعد سنوات، وأن يشهره في العام 2009.. الفنان علي المحميد، و«هند جاليري» قصة حلمٍ تحقق أراد من خلاله أن يمتلك الفضاء الخاص لعرض أعماله ونتاجه، لكنه لم ينو يوماً أن يحتكره لنفسه، فكانت مساحة مفتوحة للعرض، وإقامة الملتقيات الفنية، والورش العملية.

يؤمن المحميد بأن كل جاليري جديد يفتح، «فإنما فتح باب للفن التشكيلي في المملكة»، ولذلك يسعى بأن يكون «هند» بوابة يدخل من خلالها الفنانون الشباب إلى الساحة التشكيلية، بعد أن يأخذ بيدهم إلى هذا الفضاء الرحب، والمتقدم على مستوى المنطقة.

في حواره معنا، يؤكد المحميد بأن اشتغاله الإداري آثر على عطائه الفني، خاصة «باشتغالي الإداري في جمعية البحرين للفنون التشكيلية»، كما يقر بفتقار الساحة للنقد بمستوى النقد، وهو لذلك يدعو لأن يمارس من يمتلك الأهلية اشتغاله النقدي، لكون الساحة الفنية في البحرين، رغم كونها مبتدئة مقارنة بالعالم الفني المتقدم، إلا أنها تلاقي استحساناً من الجمهور والنقاد الآخرين…

 

مسيرة طويلة من الأشتغال الفنية توجتها في ديسمبر 2009 بفتتاح «جاليري هند للفنون التشكيلية».. ما الدوافع والأسباب وراء سعيك الحثيث لتحقيق هذا الحلم؟

فكرة «جاليري هند» فكرةٌ قديمة، سعيت جاهداً لتطبيقها، وقد فعلت ذلك بشكل غير رسمي، حتى 2009، حيث افتتح الجاليري رسمياً مقدماً معرضاً مشتركاً مع الفنان إبراهيم بوسعد، ومنذ ذلك الوقت، تتالت المعارض والشخصيات الفنية من البحرين وخارجها، لتقيم معارضها الفنية في هذه الصالة.
أما السبب الرئيسي وراء افتتاح هذا الجاليري، فهو أني امتلك الكثير من الإنتاجات، وهذا الجاليري مساحتي لعرض نتاجاتي الفنية، لكني لم أضع في اعتباري أن يكون حكراً عليّ.

 

وراء كل مشروع أهداف وآمال يسعى القائم على المشروع لتحقيقها، كفنان.. إلام سعيت من خلال افتتاح هذه الصالة؟

أنا مؤمن بأن كل جاليري يفتح، فإنما يفتح باباً للفن التشكيلي في المملكة، لهذا كلما كثرت الصالات، كلما زاد متنفس الفنان البحريني.. وبذلك أهدف بشكل أساسي من خلال افتتاح الجاليري لفتح مجال آخر للفن، وإثراء الساحة التشكيلية في المملكة، وتحقيق الانتشار.
هناك عدد من صالات العرض الرسمية والخاصة، لكن قد لا يستطيع كل فنان الوصول إليها، إلا أن كثرة الصالات تيسر مقدرة الفنان على الوصول إليها، ونحن في البحرين لا نزال بحاجة للمزيد منها، وقد اخترت المحرق لأننا كنا نفتقر للصالات العرض فيها، وقد أضحى اليوم فيها ثلاث صالات عرض.

 

كونك فناناً لابد وأنك وضعت معايير لقبول عرض الأعمال في جاليري هند.. ما المعايير التي حددت على أساسها قبول العمل الفني ليعرض في الجاليري؟

المعيار الرئيسي هو جودة العمل الفني، فعندما يكون العمل جيداً لماذا لا يتم عرضه للناس؟ نحن في «هند» لا نقوم بعرض الأعمال الخارجة عن إطار المجتمع وأهدافه الأساسية، ولا نريد أن نكون مخالفين للغير، لكنا نريد فناً جيداً، نابعاً من فنانين يمتلكون الموهبة، حتى وإن لم تكن أعمالهم ترتقي لمستوى الاحتراف، فنحن لا نبحث عن الفنان المشهور فقط، بل عن كل من يريد العرض، ويمتلك أعمالاً ذات جودة، بالإضافة للفنانين من الجيل الجديد، إذ نسعى في جاليري هند، لنكون بوابة يدخل من خلالها الفنانون الشباب إلى الساحة التشكيلية في المملكة.

 

لا يقتصر اشتغالكم في «هند» على إقامة المعارض، بل أقمتهم العديد من الملتقيات الفنية والورش العملية، واستقطبتم العديد من المواهب الشابة؟

نعم هذا جزء من اكتشاف الفنانين.. في الفترة الأخيرة أقمنا ملتقى فنياً ضم عدداً من الفنانات المحترفات إلى جانب فنانين شباب، وذلك لتحقيق تمازج يعود بالنفع على الجميع، فكان من بينهم فنانون شباب يشاركون لأول مرة في الاشتغال الفني الجماعي، وفي العرض. ومثل الملتقيات والورش لا تنحصر فائدتها في اكتشاف الفنانين، بل كذلك تبادل الخبرات، والتعلم من الآخرين، فأنا شخصياً عندما أقوم بالمشاركة في أي ملتقى فني أتعلم من الآخرين، وأقدم خبرتي، هذا التعلم غير المباشر يساهم في إثراء الساحة الفنية بشكل أو بآخر..

 

هناك جلريهات خاصة، بالإضافة للجمعيات الفنية، ولكل واحدٍ وظيفته وأهدافه، لكنا نلاحظ بأن دور الصالات الخاصة يمتاز بنشاطه مقارنة بالركود الذي تغط فيه الجمعيات الفنية.. ما سبب ذلك؟

نحن في «جمعية البحرين للفنون التشكيلية» لم نكن في ركود سوى في الأربع سنوات الأخيرة، والسبب قد يكون عائداً للمكان الذي يوجد فيه مقر الجمعية، فالفنانون يريدون مكاناً قريباً من العاصمة، أو المحرق، وهذا السبب ساهم في التقليل من نشاط الجمعية، سواء على نطاق المعارض، أو النشاطات الأخرى.
وعندما نقرر إقامة معرض أو فعالية، فاننا نضع في عين الاعتبار حضور الجمهور، فإذا لم تجد العدد الكافي للحضور، لا تتشجع على إقامة المزيد من الفعاليات. إلا أننا «نادي التصوير» في الجمعية انقذ الجمعية من ركودها بشكل جزئي، حيث يقيم الفعاليات بشكل مستمر، وله حضوره على المستوى المحلي والدولي. وبالرغم من ذلك، لا تزال الجمعية قائمة بمهامها، وفتح أبوابها، إلا أن التقصير ليس من الجمعية بقدر كونه من الأعضاء.

 

لو نظرنا لنشاط الجالريهات الخاصة في استقطاب الشباب، لوجدنا فارقاً بينها وبين الجمعيات التي أضحت منحصرة على أعضائها من كبار الفنانين، وكأن هناك انفصالاً بين الفنانين الشباب والجمعيات؟!

الجمعيات لا تفرق بين أعضائها، فمن أهدافها إثراء الحركة التشكيلية بالأجيال الشابة من الفنانين، لهذا نحن في جمعية البحرين للفنون التشكيلية، نعمل على اكتساب أعضاء جدد، لكن كما أسلفت، النقص ليس في الجمعيات بقدر كونه من الفنانين، فهم لا يتقدمون حتى لإقامة معارض، رغم تشجيعي لهم!

 

أنت كرئيس لجمعية البحرين للفنون التشكيلية، وكمسؤول عن إدارة جاليري هند.. هل يمكنك التوفيق بين العمل الإداري واشتغالك الفني دون أن يؤثر ذلك على نتاجك الفني؟

في الحقيقة عطائي الفني تأخر بسبب إدارتي في «جمعية البحرين للفنون التشكيلية»، حيث تأثر نتاجي، لكني لم أتوقف، وصمدت أمام التحديات، فشاركت في كل المعارض التي أقامتها الجمعية، والمعارض التي أقامتها وزارة الثقافة منذ كانت إدارة في وزارة الإعلام، وإلى اليوم، وما أزال مواصلاً، دون توقف، موازناً بذلك بين إدارة الجمعية، وإدارة جاليري هند، واشتغالي الفني، دون أن اقصر في أيٍ منهم..

 

ختاماً.. تمتاز الحركة التشكيلية في البحرين بأسبقيتها على مستوى المنطقة، لكن هذه الساحة تفتقر للنقاد برأيك .. ما السبب وراء ذلك؟

الساحة التشكيلية في البحرين منذ بداياتها وحتى الآن، تفتقر للنقد بمستوى النقد، وما يكتب هو مجرد انطباعات، لكن النقد الفني الحقيقي لم أجده على مدى مسيرتي في المجال الفني، فهذه الساحة تنتج فنانين لكنها لا تنتج نقاد، وأجهل سبب ذلك.!
إلا أني أدعو الأشخاص الذين يمتلكون مقومات النقد أن يمارسوا اشتغالهم، لسد هذه الفجوة، فنحن في البحرين مبتدئين على مستوى العالم الفني، لكن أعمالنا، عندما تعرض خارجياً، تلاقي استحسان الجمهور والنقاد الأجانب، وهي لا تقل عن أعمال الآخرين في أي مكان، ولهذا نحن بحاجة إلى النقد للارتقاء بالعمل الفني، وإثراء الساحة التشكيلية في المملكة.

وفقا لما نشر بصحيفة الايام، حاوره الصحفي سيد أحمد رضا *